افريقيا


المطبخ المغربي بصمة أمازيغية.. عربية..


يصنف المطبخ المغربي ضمن المراتب الأولى عالميا إلى جانب اليابان وفرنسا، وقد مكن التنوع الحضاري والثقافي للمغرب من خلق توليفة عجيبة من النكهات التي تضفي على الوصفات المغربية بصمة متفردة يدمنها لسان المتذوق الذي لا يسعه سوى الاستسلام للذتها التي تجمع بين تناقض المالح والحلو، إضافة لقدرتها على تطويع كل وصفة جديدة لتصبح جزءا مكملا لوصفات تقليدية

ما الذي يجعل من المطبخ المغربي العريق أحد أبرز المطابخ العالمية؟ سؤال تتوفر إجابته بين كلمات “بولا ولفيرت” الأمريكية العاشقة للمطبخ المغربي وصاحبة العديد من الكتابات حول المطابخ العالمية العريقة والتي ترى أن أي أمة تحتاج لأربعة شروط أساسية لصناعة مطبخ عظيم يتقدم لائحة المطابخ العالمية، وهي على التوالي: وفرة المكونات، التنوع الثقافي، الحضارة العظيمة، وجود حياة باذخة ترتبط بالقصور وترف الطبقة المخملية المحيطة بدائرة الملوك والأمراء.

* بهارات منذ عشرات القرون

لا يتطلب الأمر الكثير من الجهد لتخلص الكاتبة في مجال الطبخ “باولا ولفيرت” أن هذه الشروط الأربعة متوفرة في المطبخ المغربي المتمسك بعراقته حتى في اللحظات التي يعيد من خلالها إنتاج أطباق عالمية تطبع بلمسة «تامغرابيت».

يرتبط التوظيف الاحترافي للتوابل داخل المطبخ المغربي العريق بالرحلات القديمة لاستيراد التوابل منذ عشرات القرون، وهو ما جعل البهارات أدوات طيعة في يد المغاربة، ليصنعوا منها مزيجا خاصا لطهو أطباق معينة ترتبط بمناسبات خاصة كما هو الحال بتشكيلة “راس الحانوت” التي تعد شرطا أساسيا لتحضير طبق “المروزية” التقليدي.

وتحتفظ الكثير من الجدات بلائحتهن الخاصة المكونة لراس الحانوت طلبا لتميز أطباقهن، وعادة ما تنتقل هذه المكونات من جيل لآخر، ويتطلب إعدادها نوعا من الجهد، لذا يفضل البعض الحصول عليها جاهزة من دكان العطارة، ومن أشهر مكونات راس الحانوت، الكركوب، سكنجبير، الابزار، لسان الطير، الكوزة الصحراوية، النويويرة، دبانة الهند، سكينجبير بيض.

إلى جانب التوابل يتميز المطبخ التقليدي باستعمال الأعشاب المنسمة التي تضفي على المشروبات طعما مميزا، خاصة مشروب الشاي الذي يختزل تقاليد التجمعات المغربية خلال المناسبات السعيدة أو الحزينة، ومن أهم الأعشاب التي تستعمل في المطبخ التقليدي نجد الشيبة، النافع، حبة حلاوة، الكرويا، المسكة، السالمية، الصعتر،اللويزة، مرددوش، فليو…

* مرق الحواضر الكبرى

يعد الزيتون المرقد، والحامض “المصير” أو “المرقد” من مكونات المطبخ التقليدي سواء تعلق الأمر بالأطباق البسيطة مثل طبق البطاطس والزيتون، أو أطباق المناسبات الفاخرة التي تدخل الزيتون والحامض في مكوناتها. ويعتبر اعداد هذه المكونات داخل البيت مؤشرا على براعة النساء داخل المطبخ المغربي.

وتقسم النساء الملمات بأسس المطبخ التقليدي أنواع المرق المتبل بالمواد السابق ذكرها إلى أربعة أنواع وهي المرق المقلي ذو اللون الأصفر، والمرق المحمر المنسم بالسمن، ومرق القدرة الثخين المكون من البصل والمنسم بالزعفران الحر، ثم المرق المشرمل المكون من الزيتون وقطع الحامض وعصير الحامض، وعادة ما يستعمل هذا المرق في المناسبات الخاصة مرفقا بالدجاج المحمر.

يحضر هذا التنوع في المرق داخل الحواضر الكبرى التي استوطنها اليهود، والعرب القادمون من بغداد، والموريسكيون من إسبانيا، في الوقت الذي تعرف فيه المناطق الأمازيغية نوعا من التفرد في استعمال الزيوت التي تضفي مذاقا خاصا للطاجين الأمازيغي الأصيل، وفي مقدمتها زيت الأركان المنسم للحم الماعز في ترجمة فعلية لارتباط كل طبق أصيل ببيئته، ويدخل الأركان في مكونات وجبة “أملو” ذات الطعم المتفرد والغني بقيمته الغذائية.

* “طبق” الدوم.. والطنجية المراكشية

إلى جانب التوابل والمنسمات التي تميز المطبخ التقليدي، هناك الأواني التقليدية التي احتفظت بمكانها داخل المطبخ المغربي على الرغم من توفر مختلف أدوات الطبخ الحديثة، إلا أن الكثير من المغاربة يفضلون الاعتماد على أدوات الطبخ القديمة من أجل الحفاظ على نكهة الوصفات التقليدية، خاصة داخل المدن العريقة.

ومن أهم هذه الأدوات توجد القصعة التي حافظت على تصميمها البسيط الموغل في العراقة، سواء تعلق الأمر بقصعة الطين، أو قصعة الخشب التي يرى الكثير من المغاربة أنها تضفي على طبق الكسكس نكهة خاصة.
الكسكاس، وقدر الكسكس أو ما يصطلح عليه “البرمة” وهما من أساسيات إعداد طبق الكسكس، وتتميز المناطق الأمازيغية بقدر كسكس من الطين.
من الأدوات التي يتم الاستعانة بها هناك الطاجين بمختلف أشكاله، والذي ينسب لكل جهة من جهات المغرب، المجمر، الطنجية، ” الطبق” المصنوع من الدوم والحلفاء ويتم استخدامه لتحضير حبات الكسكس بالطريقة التقليدية، أو طبق “فتات الشطبة”، الرابوز المستعمل في ايقاد فحم المجمر، ” شطاطو” وهو غربال من الحديد يستعمل في إعداد بعض المعجنات التقليدية، “القدرة” وهي آنية من الفخار لتخمير الفطائر التقليدية، طبسيل الورقة الذي يعد معيارا لمهارة النساء في إعداد ورقة البسطيلة المستعملة في مجموعة من المأكولات والحلويات التقليدية، وفي مقدمتها البسطيلة التي تترجم مكوناتها التنوع الجغرافي للمملكة، حيث تشتهر المناطق الساحلية ببسطيلة الأسماك، بينما تنتشر بسطيلة الدجاج في باقي المناطق الداخلية.
إلى جانب البسطيلة هناك الكسكس الطبق الأمازيغي الأقدم والأشهر داخل المملكة، ويعد أيضا ترجمة للتنوع الثقافي المغربي، حيث تتفرع أنواع الكسكس ومن آشهرها التفاية، أو الكسكس المرفق بمرق البصل والزبيب، وكسكس “سبع خضار”. ، كسكس السمك، والكسكس المسقي بلبن الماعز داخل المناطق الصحراوية، والكسكس بالأعشاب المنسمة داخل المناطق الجبلية….

<< قراءة في عشر قصص قصيرة جداً للقاص المغربي حسن البقالي شاهدوا سحر الطبيعة في كينيا >>

API: RSS | RDF | ATOM
 
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع