المقالات و التقارير > بعد «الخصخصة».. ماذا لو خاضت مصر حربا؟

بعد «الخصخصة».. ماذا لو خاضت مصر حربا؟

دخلت مصر حرب السادس من أكتوبر عام 1973، وكانت مصر وقتها تحكم بالحزب الواحد «الاتحاد الاشتراكي»، وكان القطاع العام يقود الاقتصاد بشكل كامل، لاسيما من تواجد محدود للقطاع الخاص، قبل أن يتجه الرئيس الرحل أنور السادات إلى سياسة الانفتاح وخصخصة القطاع العام.

الإصلاحات التي أجراها النظام الناصري، حافظت بشكل كبير على المجتمع المصري داخلياً وقت الحرب، ما أتاح للمصريين تحمل ظروف الحياة، كما ساعدت شركات القطاع العام القوات المسلحة المصرية في أعمال ضخمة شملت الأراضي المصرية جميعها، فتم إقامة تحصينات لوقاية الأفراد والأسلحة والمعدات والذخائر وحفر خنادق ومرابض النيران للمدفعية الرئيسية والتبادلية المؤقتة والهيكلية وتجهيز مراكز القيادة والسيطرة الرئيسية التبادلية على جميع المستويات، وإقامة السواتر الترابية غرب القناة وإنشاء هضاب حاكمة علي الساتر الترابي لاحتلالها الدبابات والأسلحة المضادة لها، كما تم إنشاء نقط قوية في الاتجاهات ذات الأهمية الخاصة وإنشاء شبكة الصواريخ المضادة للطائرات.

وكان حصيلة الخصخصة اليوم، بيع 154 شركة بالاكتتاب العام و23 لمستثمر رئيسي و30 شركة لاتحادات العاملين المساهمين، وعلى رأسهم الشركات التي ساعدت القوات المسلحة وقت الحرب.

يقول إلهامي الميرغني، الباحث الاقتصادي ونائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إن مصر فقدت 80% من معداتها العسكرية خلال حرب يونيو 1967، كما فقدت سيناء بثرواتها البترولية والمعدنية وإمكانياتها السياحية، وفقدت إيرادات قناة السويس وبعض الإيرادات السياحية.

وتابع الميرغني: «كان المطلوب تغطية احتياجات مصر من الغذاء والكساء والمعدات، إضافة إلي إنشاء قري جديدة لاستيعاب المهجرين من محافظات سيناء وقناة السويس، وفي نفس الوقت، إعادة بناء القوات المسلحة وتوفير المعدات اللازمة، فوفرت المصانع الحربية الكثير من المعدات لتعويض ما فقد في حرب يونيو، بجانب إقامة شركات المقاولات المصرية دشم الطائرات وحائط الصواريخ»، مؤكدا أن القطاع العام استطاع توفير احتياجات الشعب والقوات المسلحة، وتقليل الاستيراد رغم حدوث بعض الاختناقات في السلع التموينية نتيجة تلاعب التجار.

وأوضح الباحث الاقتصادي أنه في عام 1966/1967، كانت القيمة المضافة للقطاع العام 97% في الآلات الكهربائية، و96% في المعدات، و95% من المنسوجات، و88% من معدات النقل، و81% من المواد الغذائية، و66% من صناعة الملابس الجاهزة، و92% من صناعة المنسوجات، وكانت السياسة الاقتصادية توفر الاستثمارات والتمويل اللازم للقطاع العام ليؤدي دوره في الإحلال محل الواردات وتخفيض الاستيراد وزيادة معدلات الاكتفاء الذاتي من الإنتاج الزراعي والصناعي.

وأضاف الميرغني أن القوى الاستعمارية اهتمت بتدمير القطاع العام وتهميشه، بعد الحرب، لتفقد مصر دعامة صمودها الاقتصادي، وفي نفس الوقت، دخلت القوات المسلحة في الحياة المدنية، من إنشاء الطرق والكباري إلى الإنتاج الزراعي والإنتاج الغذائي، بما يستنزف جزءا كبيرا من طاقة القوات المسلحة، وبما يساهم في خسارة الكثير من شركات القطاع العام والخاص.

ومن جانبه، قال الدكتور رائد سلامة، الخبير الاقتصادي، إن القطاع العام حماية حقيقية للوطن في أوقات الأزمات بشكل عام والحروب بشكل خاص، حيث توجه كل أو معظم موارد الدولة للإنفاق علي الحرب، بخلاف دوره الاجتماعي في توازن الأسعار وكبح جماح التضخم وخفض معدلات البطالة، مستشهداً بالدكتور عزيز صدقي، رئيس وزراء مصر الأسبق، عندما روي ذات مرة أن الرئيس السادات استدعاه قبل حرب أكتوبر، وقال له «مصر يا عزيز داخله علي أيام صعبة ومش عاوزين نستورد شيء من بره لمدة 3 شهور»، فما كان من الدكتور عزيز إلا أن شغل مصانع القطاع العام بكامل طاقتها، ولم تحتج مصر لأي استيراد ليس لـ3 أشهر، لكن لـ6 أعوام كاملين بعد الحرب.

وأكد سلامة أنه بعد الخصخصة البغيضة التي صنعها مبارك، انتقلت ملكية العديد من شركات القطاع العام المهمة، خاصة الثقيلة إلي يد القطاع الخاص الذي لا يهمه سوي الربح، وبعض منه قطاع خاص أجنبي مشكوك في انتماءاته كحالة «بسكو مصر» التي تم خصخصتها في أيام مبارك ثم بيعت بالكامل منذ سنة لشركة «كيلوجز» الأمريكية التي يوجد برأسمالها حصة حاكمة لمستثمرين من أصول صهيونية، وكذلك قطاعي الدواء والصحة، ما يشكل خطرا كبيرا، في حالة الحرب.

واستطرد: «ستواجه مصر أزمة كبيرة إذا دخلت حربا؛ خاصة أن أعداؤنا يمتلكون شركة كبري تعمل في قطاع الغذاء، أما قطاعي الدواء والصحة، فتم تدميرهما تماما بالبيع أيضاً وبالتخريب الإداري ففسد منهما ما لم يتم بيعه»، مختتما: «أخشي إذا اندلع صراع عسكري في المنطقة لسبب أو لآخر، أن يؤثر دخول القوات المسلحة علي خط الإنتاج والمساهمة في دعم الاحتياجات للسوق الداخلي علي أدائها الاحترافي كجيش نظامي ضخم له تأثير كبير في حسم أي معركة».

البديل


Navigate through the articles
Previous article إعلان جامبيا دولة إسلامية تونس إلى أين تسير؟ Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع