الثقافة        0  938 reads

1) ثقافة عامة

تتميز الثقافة في النيجر بالتعددية والاختلاف وهو ما قام به المستعمر الفرنسي في بدايات القرن العشرين الذي عمل على دمج العديد من الثقافات ومزجها وصهرها في بوتقة واحدة ليخرج لنا ما هو معروف الآن بثقافة النيجر. فالمعروف لدينا الآن باسم النيجر هو مزيج لدمج أربعة ثقافات متباينة لشعوب مختلفة استوطنت هذا المكان قبل وصول الاستعمار الفرنسي إليه؛ فهناك ثقافة قبائل الدجيرما والتي استوطنت المنطقة الواقعة حول حوض نهر النيجر في الجنوب الغربي، في حين كانت الأطراف الشمالية للبلاد والتي كانت تسكنها قبائل الهوسا والتي كونت دويلات صغيرة قاومت استعمار خلافة سوكوتو تلك الدويلات التي امتدت حتى وصلت للحدود الجنوبية للبلاد مع نيجيريا، وهناك أيضا مزارعي الكانوري الذين استوطنوا حوض بحيرة تشاد في أقصى شرق البلاد، وقبائل التوبو الرعوية التي كانت في يوم من الأيام جزءا لا يتجزأ من إمبراطورية قانم - بورنو الإسلامية، وأخيرا قبائل الطوارق الالبدوية الذين يسكونون المناطق الشاسعة شمال البلاد التي تغطيها الصحراء الكبرى وسلاسل جبال أيار ماسيف.
كل من هذه التجمعات بالإضافة إلى المجموعات العرقية الصغيرة الأخرى مثل قبائل الوودابي الفولانية قامت بجلب ثقافتها الخاصة وعاداتها وتقاليدها الفريدة للبلاد. وقد حاولت الحكومات المتعاقبة على البلاد دمج هذه الثقافات المختلفة وخروج منها بثقافة متوحدة لأفراد الشعوب أجمع؛ إلا أن هذه المحاولات قد بائت بالفشل نتيجة لعدة أسباب لعل أهمها أن المجموعات العرقية الكبرى المكونة للمجتمع النيجري لكل منها تاريخها الخاص التي لا تريد التنازل عنه من أجل الأخرىن بالإضافة إلى أن هذه الجماعات العرقية ما هي إلا جزء صغير من جماعة عرقية أكبر أجبر أفرادها على الانتشار والتشتت في دول أخرى نتيجة الاستعمار.
و حتى التسعينيات من القرن الماضي بقيت السلطات الحكومية والمناصب السياسية العليا في أيدي أبناء الجماعات العرقية التي استوطنت نيامي وأهالي الدجيرما المنتشرين في المناطق المحيطة دون أدنى تمثيل لأبناء قبائل الهوسا ساكني المناطق الحدودية بين بلدتي بريني - إنكوني ومايني سوارا حيث ظهر تأثيرهم أكثر وضوحا في الحياة السياسية بدولة نيجيريا المجاورة عنه في النيجر.

النقل والمواصلات
يعد النقل حجر الزاوية للازدهار الاقتصادي في تلك البلاد الشاسعة الحبيسة حيث تتباعد المدن عن بعضها البعض وتفصلها مساحات كبيرة غير مأهولة من الصحراء وسلاسل الجبال بالإضافة إلى المواتع الطبيعية الأخرة التي تعيق سهولة التنقل بين أرجاء الدولة. وقد شهد قطاع المواصلات في النيجر تطورا طفيفا خلال الفترة الاستعمارية ما بين عامي 1899 و 1960 معتمدا على النقل عن طريق الدواب أو الإنسان وجزء ضئيل من النقل النهري في أقصى جنوب شرق وجنوب غرب البلاد.
و لا تمتلك النيجر خطوطا للسكك الحديدية حتى الآن حيث لم يتم إنشأها خلال الفترة الاستعمارية كما بقت الطرق خارج العاصمة نيامي غير معبدة. ونهر النيجر لا يصلح للنقل النهري الثقيل حيث يفتقر للعمق المناسب الذي يسمح لغاطس سفن الشحن الكبيرة للملاحة فيه عدا الفترة بين شهري سبتمبر ومارس من كل عام، كما تعوق الانحدارات النهرية الملاحة في نهر النيجر.
و تظل قوافل الجمال متمتعة بأهميتها التي استمدتها عبر التاريخ حيث تعد الوسيلة الأولى حتى الآن في النقل والتنقل خلال الصحراء الكبرى ومناطق الساحل الإفريقي لدول الجوار والمناطق الواقعة شمال البلاد.

الطرق
يعد النقل البري عن طريق سيارات الأجرة والحافلات والشاحنات وسيلة النقل الأولى في النيجر. وبحلول عام 1996 امتلكت النيجر شبكة طرق بطول 10,100 كم 798 كم فقط من هذه الشبكة كانت طرقا معبدة وأغلب هذه الطول الإجمالي للطرق كان واقعا داخل المدن الكبرى فقط ومقسما على اثنين من الطرق السريعة. وبحلول عام 2006 تنامت شبكة الطرق بالنيجر ليصل إجمالي الطرق إلى مسافة 18,550 كم مما جعلها تحتل المرتبة السادسة عشر بعد المائة بين دول العالم من حيث طول شبكة الطرق؛ منها مسافة 3,803 كم من الطرقات المعبدة. وقد تم إنشاء أول الطرق السريعة الكبرى بالنيجر بين عامي 1970 و 1980 لنقل اليورانيوم من مدينة أرليت الشمالية إلى حدود بنين حيث يتم تصدير أغلب الصادرات عن طريق موانئ بمدن كوتونو في بنين ولومي في توجو وأخيرا بورت هاركورت في نيجيريا.
و يمر طريق نقل اليورانيوم بالعديد من المدن الأخرى حيث يبدأ من مدينة أرليت التعدينية بشمال البلاد مرورا بمدن أجاديز وتاهوا وبرنين - كوني ونيامي حتى ينتهي عند الحدود النيجرية - البنينية ويعد جزءا من الطريق الدولي المار بدول الصحراء الكبرى. في حين يربط الطريق الوطني الأول RN1 والمعروف باسم Route Nationale المدن الواقعة بالجزء الجنوبي من البلاد بأقصى الشرق بتلك الواقعة بأقصى الغرب حيث يبدأ الطريق من نيامي مرورا بمارادي ثم زيندر وحتى ديفا بأقصى شرق البلاد.

النقل الجوي
تمتلك النيجر 28 مطارا جويا مما يجعلها تحتل المرتبة التاسعة عشرة بعد المئة عالميآ من حيث عدد المطارات الموجودة بالدولة؛ عشرة فقط من هذه المطارات تمتلك مهبطا ممهدا في حين تبقى الثمانية عشر مطارا الأخرى بدون ممرات هبوط ممهدة.
و يعد مطار هاماني ديوري الدولي بنيامي المطار الرسمي للبلاد بالإضافة إلى مطاري مانو داياك الدولي بمدينة أجاديز ومطار زيندر والذي يقع على مشارف مدينة زيندر.

الرياضة
لم تكن الرياضة في النيجر أسعد حظا من باقي المظاهر الحياتية التي طالتها انعدام الإمكانيات اللازمة للنهوض بها. ولا تشارك النيجر في المحافل الدولية عدا دورات الألعاب الصيفية التي تقام كل أربعة أعوام .صعدت النيجر لبطولة الأمم الأفريقية المقامة بالجابون وغينيا الاستوائية عام 2012.

المشاركات الأوليمبية
شاركت النيجر في كل دورات الألعاب الأوليمبية الصيفية منذ انطلاقها لأول مرة عام 1964 وحتى عام 2008، ولم تتخلف سوى عن دورتي 1976 و 1980. وبالرغم من طول مشاركتها الأوليمبية إلا أن النيجر لم تتمكن من الحصول إلا على ميدالية أوليمبية واحدة وهي ميدالية برونزية أحرزها الملاكم إيزاك دابورج خلال منافسات وزن فوق المتوسط بدورة الألعاب الأوليمبية التي أقيمت في ميونخ عام 1972 ليسجل لبلاده الإنجاز الرياضي الوحيد على مدى التاريخ وحتى يومنا هذا.


2) ديانات و مذاهب

انتشر الإسلام في البلاد مع بداية القرن العاشر الميلادي قادمآ من شمال إفريقيا وقد ساعد بشكل كبير على تشكيل العادات والتقاليد لشعب النيجر. ويدين أكثر من 90% من إجمالي سكان النيجر بالإسلام مع وجود تجمعات صغيرة يدين أهلها بالديانات الإحيائية وتجمعات أخرى يدين أهلها بالمسيحية وقد ساعد على انتشار الأخيرة العديد من البعثات التبشرية التي قدمت للبلاد إبان الاحتلال الفرنسي بالإضافة إلى المغتربين من أوروبا وغرب إفريقيا.
بدأ انتشار الإسلام في المنطقة المعروفة بالنيجر الآن خلال القرن الخامس عشر للميلاد ساعده في ذلك تعاظم سلطان إمبراطورية سونجاي واتساعها حتى وصلت لأراضي حوض نهر النيجر بالإضافة إلى قوافل التجارة القادمة من مصر والمغرب العربي. كما ساعد توسع الطوارق في الشمال واستيلائهم على واحات الشرقية من إمبراطورية قانم - بورنو في القرن السابع عشر الميلادي على نشر الممارسات الدينية للبربر المسلمين في هذه الأماكن.
في حين تأثرت المناطق المأهولة بالجماعات العرقية من أهل قبائل الهوسا وقبائل الدجيرما بشكل كبير خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر للميلاد بالحركة الصوفية والتي عملت على نشرها خلافة سوكوتو التي ظهرت في نيجيريا الحالية. في حين ترتبط الممارسات الدينية في النيجر الآن بالطريقة التيجانية مع وجود جماعات صغيرة تتبع طرق صوفية أخرى مثل الطريقة الحمالية والطريقة النياصية (و كلاهما منبثقتين عن الطريقة التيجانية) في الغرب والطريقة السنوسية في أقصى الشمال الشرقي للبلاد حيث الحدود مع ليبيا.
كما توجد أيضا مراكز متفرقة لأتباع نهج السلف في العقود الثلاثة الماضية وتنحصر هذه المراكز في العاصمة نيامي ومارادي هذه الجماعات على علاقات بجماعات أخرى مماثلة تسكن مدينة جوس النيجيرية وظهرت هذه الجماعات على السطح خلال الاشتباكات الدينية العنيفة التي شهدتها مدينة جوس في التسعينيات من القرن الماضي والفترة ما بين عامي 2001 و 2008.
و بالرغم من ذلك، تحافظ النيجر على الظهور بمظهر دولة القانون العلمانية. كما تظهر الحياة في النيجر علاقات وطيدة وقوية بين معتنقي المذاهب والتيارات الدينية المختلفة وتتسم الممارسات الدينية لمسلمي البلاد بالتراحم وتقبل معتقدات الآخر مهما كانت والبعد عن التشدد وعدم التعرض للحريات الشخصية لمعتنقي الديانات الأخرى. وحالات الطلاق وتعدد الزوجات تكاد تكون معدودة في النيجر والنساء هناك غير منعزلات وارتداء الحجاب ليس ضروريآ ولا تفرضه السلطات أو الهيئات كما تقل نسبة المتحجبات في التجمعات العمرانية الكبيرة.كما يتم بيع الخمور والمنتجة محليا دون قيود في معظم مناطق الدولة.

الإحيائية
لا يزال هناك أعدادا محدودة من سكان النيجر تمارس بعض الديانات والمعتقدات الإحيائية ولا يتداينون بأي دين سماوي، ولكن لا يوجد إحصاء محدد يذكر هذه الأعداد بشكل واضح. فحتى القرن التاسع عشر من الميلاد عجز الإسلام عن الوصول للمناطق الجنوبية الوسطى من البلاد حتى تغلغله في المناطق النائية القريبة لم يكن بالشكل الكامل مما حد من انتشاره في هذه البقاع. ولكن تظل هناك تجمعات مسلمة تمارس شعائها الدينية حيث يقطن الرعاة من الوودابي والتوبو وقبائل الهوسا أصحاب المعتقادات الإحيائية كرد فعل لإقامة هذه الجماعات لشعائرها الدينية الخاصة.
و يدخل ضمن هذه الأعداد المحدودة من الإحيائيين مجتمع قبائل الهوسا متحدثي لغة الماوري والموجودين ببلدة دوجوندوتشي في الجنوب الغربي للبلاد وكذلك قبائل الكانوري متحدثي لغة المانجا بالقرب من مدينة زيندر وكلاهما يمارس عقائد محلية موجودة قبل دخول الإسلام للبلاد وتعرف هذه العقائد بديانة الماجوزاوا والتي أسستها شعوب الهوسا. كما يتواجد أيضا مجتمعات إحيائية صغيرة من السونجاي والبودوما في الجنوب الغربي للبلاد.


3) وسائل الإعلام

بدأت النيجر في صناعة الإنتاج الإعلامي المتنوع في أواخر التسعينيات من القرن الماضي. وقبل قيام الجمهورية الثالثة لم يكن بمتناول شعب النيجر سوى متابعة الإعلام الحكومي الموجه. فيما تظهر المؤشرات الآن طفرة في بيع الصحف والمجلات ووسائل الإعلام المقرؤة عامة في العاصمة نيامي. وتعد جريدة الساحل Le Sahel الحكومية أكثر الجرائد توزيعا في البلاد. ويعتبر الراديو أهم الوسائل الإعلامية في النيجر وأكثرها انتشارا وذلك لعدم قدرة العديد من أبناء شعب النيجر وخاصة الفقراء قاطني المناطق النائية على شراء أجهزة تيليفزيون كما تعوق النسبة العالية من أبناء شعب النيجر الأميين الصحف عن الانتشار والارتقاء للمرتبة الأولى في سلم الوسائل الإعلامية كما هو الحال في مختلف البلاد في العالم.
و بالإضافة إلى الشبكات الإذاعية الوطنية والمحلية هناك أربع شبكات إذاعية خاصة تقوم ببث أكثر من 100 قناة إذاعية على موجاتها؛ ثلاثة من هذه الشركات الأربعة (مجموعة أنفاني الإذاعية وسارونيا وتينيري) تعد شركات إذاعية تجارية تقوم بتغطية المناطق الحضرية بالدولة وتقوم ببث إرسالها على تردد الـFM للمدن الكبرى فقط. بالإضافة إلى الشركة الرابعة والتي تديرها هيئة الإذاعة الوطنية والتي تقوم ببث أكثر من 80 قناة وتغطي كل المناطق في الدولة بلا استثناء. وقد بلغت نسبة متابعي البرامج الإذاعية في النيجر قرابة 7.6 مليون فرد عام 2005 أي ما يوازي حوالي 73% من إجمالي شعب النيجر.
و بجانب الإذاعات النيجرية هناك الإذاعة البريطانية BBC والتي تبث بلغات الهوسا يتم نقلها ومتابعتها في أرجاء متعددة من البلاد خاصة في الجنوب بالقرب من الحدود مع نيجيريا. وهناك أيضا راديو فرنسا الدولي والذي يعاد بث إرساله بالفرنسية خلال بعض القنوات التجارية أو عن طريق الأقمار الصناعية. كما تمتلك شركة تينيري الإذاعية محطة تيليفزيونية قومية مستقلة تحمل نفس الاسم.
و بالرغم من تمتعهم بحرية نسبية على المستوى المحلي، يشكو الصحفيون بالنيجر من تعقب السلطات لهم وعدم قدرتهم على التعبير عن رأيهم بحرية حيث تعتمد الصحافة في النيجر كلية على الحكومة في توفير النفقات اللازمة مما يجعلها دائما تحت تصرف السلطات الحكومية. ويقوم بالرقابة على الصحف والإعلام المجلس الأعلى للإعلام وهو جهاز مستقل تم إنشاؤه في أواخر التسعينيات من القرن الماضي ويرئسه منذ عام 2007 السيد داوودا دياللو. وقد قامت المنظمات الدولية لحقوق الإنسان بانتقاد السلطات في النيجر بسبب معاقبتها لكل من ينتقد سياسات الدولة مما يتنافى مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان وقوانين حرية الصحافة الدولية.

View this article in PDF format Print article
Other articles in this category
النيجر في لمحة واحدة
الجغرافيا
التاريخ
الثقافة
الاقتصاد
السياسة
العسكري
العلاقات الخارجية