الصومال

Open in new window
اخوان اونلاين-هرجيسا
الحرب الأهلية والتمزقات السياسية والقبلية ليست الخطر الوحيد الذي يهدِّد الصومال، هذا البلد العربي المسلم الذي كان من أجمل الأوطان في العالم العربي والإسلامي، بل إنَّ الصومال ومستقبله تهدده العديد من المخاطر التي تعرقل استعادته لاستقراره ووحدته؛ وهي الاتجاهات المتزايدة لدى بعض الكيانات داخل الصومال لتعضيد انفصالها عن جسد الدولة الأم، ومن بينها ذلك الكيان المعروف باسم جمهورية أرض الصومال أو "صومالي لاند".


ومحطتنا الرئيسية في هذا التحقيق هو مدينة هرجيسا، التي كانت العاصمة الثانية للبلاد أيام الحكومة المركزية؛ ولكنها أصبحت اليوم عاصمة جمهورية صومالي لاند التي أعلنت انفصالها و"استقلالها" عن باقي الصومال في الأقاليم الشمالية منه، وازدادت مساحتها وكثرت مبانيها وازدحمت شوارعها، وأصبحت تضم مقرات لشركاتٍ تجاريةٍ عاملةٍ في البلاد، وملتقى لمؤسسات خيريةٍ عديدةٍ، والكثير من المنظمات العالمية.

الانتخابات على الأبواب
ومن ضمن مظاهر غياب الدولة المركزية في الصومال، تستعد جمهورية أرض الصومال أو "صومالي لاند" التي لم يعترف بها أحدٌ إلى الآن؛ هذه الأيام لإجراء انتخاباتٍ رئاسيةٍ وبرلمانيةٍ؛ وذلك على الرغم من وجود حكومةٍ مركزيةٍ في مقديشو، يقودها الرئيس شيخ شريف شيخ أحمد، وجاءت إلى الحكم بعد عمليةٍ تفاوضيةٍ قادتها الأمم المتحدة في جيبوتي المجاورة.
ويتنافس في هذه الانتخابات ثلاثةُ أحزابٍ سياسيةٍ، وهي حزب "أدب" الحاكم، وحزبا "كلمية" و"أعد" المعارضَان.
وقد أدَّت عملية جيبوتي إلى تشكيل برلمانٍ انتقاليٍّ في البلاد، انتخب شيخ أحمد رئيسًا، والذي اختار بدوره عمر عبد الرشيد شارماركي رئيسًا لحكومةٍ انتقاليةٍ مثلت مختلف ألوان الطيف السياسي والقبلي في البلاد.
وتملأ الدعايات الانتخابية الآن شوارع الأقاليم الشمالية للبلاد، مع وصول العملية الانتخابية إلى أشدها هناك.
وأصدرت اللجنة المركزية للانتخابات في "صومالي لاند" الخميس الماضي قائمة بأسماء الناخبين، وأُعْلِنَت في جميع أنحاء الجمهورية الانفصالية، وظهر الخلاف بين الأحزاب الثلاثة الرئيسية المشاركة في هذه الانتخابات إزاء القوائم الانتخابية؛ حيث رفضها الحزب الحاكم فيما وافق عليها الحزبان المعارضان.
وأعلن رئيس هذا الكيان غير الشرعي، ويُدعى طاهر ريالي كاهن رفض الحكومة لهذه القوائم، واتهم ريالي ممثلي الدول المانحة بالخيانة والعمل على تحريض أحزاب المعارضة على الحزب الحاكم والحكومة، وأعلن أن الانتخابات لن تتم على أساس هذه القوائم.

أزمة سياسية
في المقابل أعلن حزبا "كلمية" و"أعد" المعارضان، ومعهما ممثلٌ من الدول المانحة وخبيرٌ في الانتخابات موافقتهم على القوائم الانتخابية، وردت الحكومة بطرد ممثلي الدول المانحة ومسئولي هيئة "إنتر بيس"؛ وهي الهيئة الممولة لمشروع إعداد القوائم الانتخابية في كيان "صومالي لاند" الانفصالي.
أما رئيسا مجلسي الشيوخ والنواب في هذا الكيان، فقد أصدرا بيانًا أيدا فيه نتيجة الحصر الذي قامت به مؤسسة "إنتر بيس" واللجنة الانتخابية لتسجيل الناخبين، والتي أُنفقت عليها أموالٌ طائلةٌ، والاعتماد عليها في الانتخابات، وحذَّرا من تأجيل الانتخابات مرةً أخرى.
وفي هذه الأجواء قام (إخوان أون لاين) بمتابعة آراء المواطنين في مدينة هرجيسا حول هذه الخلافات، وسأل عددًا من سكان المدينة عن موقفهم من إجراء الانتخابات، وأيَّد أكثريتهم إجراء الانتخابات في موعدها المحدد في 27 سبتمبر المقبل، وعلى أساس نتيجة تسجيل الناخبين التي اعترضت عليها الحكومة.
أما فيما يتعلق بالأوضاع الأمنية المتدهورة في باقي أنحاء الصومال، فقد دعا المواطنون في شمال الصومال مَن وصفوهم بـ"العقلاء" لدى فرقاء الأزمة في البلاد، إلى التمسك بخيارات الحل السلمي للأزمة، والعودة إلى توحيد أرجاء البلاد الممزقة، إلا أنَّ عددًا من هؤلاء رأوا أنَّه لو لم تهدأ الأوضاع في باقي أنحاء البلاد، فإنهم يُفضلون خيار الانفصال، حتى لا يعانون من ذات الأوضاع الإنسانية المتدهورة في الصومال.
المواطن الصومالي محمد طيري أعرب عن مخاوفه من الأزمة السياسية الراهنة في "صومالي لاند"، وقال لـ(إخوان أون لاين): "أتمنى من الله أنْ تهدأ الأمور، ولا تتحول هنا إلى وضعٍ مشابهٍ لما يجري في الجنوب".
وأضاف طيري: "لا نحب أنْ ننفصل عن الوطن الأم؛ لكن هل من المنطق أنْ نرفض وضعًا مُستقرًّا وندخل في وضعٍ أمنيٍّ غير مستقرٍّ"، وقال إنَّه يتمنى أنْ يرى السلام يعم جميع أنحاء الصومال.
أمين الحاج عمر، وهو مواطنٌ مسنٌّ من شمال الصومال، قال إنَّه فضَّل الإقامة في "صومالي لاند"؛ لأن "الأمن مستتب" و"يجد قوت اليوم"، ولكنه أعرب عن عدم رضائه عن وجود فواصل وحدود ما بين أبناء البلد الواحد.

خلفيات وحدوية
"صومالي لاند" كيانٌ يضم الأقاليم الشمالية من الصومال الكبرى، والتي توحَّدت مع الأقاليم الجنوبية بعد الاستقلال مباشرةً في العام1960م عن الاستعمار الإيطالي والبريطاني للصومال الكبرى، وكان الشماليون متحمسين للوحدة آنذاك.
وعندما استقلت الأقاليم الشمالية عن الاستعمار البريطاني في 26 يونيو من العام 1960م، شغف الشماليون باستقلال الجنوبيين عن الاستعمار الإيطالي، والذي تمَّ في يوم 1 يوليو من العام نفسه، أي بعد أربعة أيامٍ من استقلال الشمال، وكان الشماليون ينتظرون استقلال إخوانهم الجنوبيين للتوحُّد معهم، والسعي لاستكمال تحرير البقية الباقية من الأقاليم الخمسة للصومال الكبرى.
وأصبح 1 يوليو عام 1960م، يوم تجمعت فيه مناسبتا الاستقلال والوحدة بين الإقليمَيْن الشمالي والجنوبي، من الأجزاء الخمسة للصومال الكبرى، والتي كانت الحركات التحررية تسعى إلى تحقيقه، وأصبحت مقديشو العاصمة كما أصبحت هرجيسا العاصمة الثانية للبلاد.

إلا أنه بعد أنْ انهارت الحكومة المركزية الصومالية عام 1991م، أعلن الشماليون استقلالهم عن بقية الصومال، وتراجعوا عن مشروع الوحدة مع الصومال الجنوبي؛ ولكنهم لم يحصلوا على الاعتراف الدولي بهم.
وبعد اشتعال الأوضاع في وسط وجنوب الصومال، وفَّر الشماليون للجنوبيين الفارين من نيران الحرب، والذين لا يستطيعون العيش خارج الصومال، المأوى ورحبوا بهم، موفرين لهم فرص العيش حتى حين!!.

إن الكرةَ الآن في ملعب جامعة الدول العربية التي يجب أن تتحرك فورًا لمساندة هذا القطر العربي ضد مخاطر التفكيك التي سوف تهدد بدورها أقطارًا أخرى إذا تحققت.
[02/08/2009]


الخبر السابق - الخبر التالي تحضير للطباعة أرسل هذا الخبر إنشاء ملفpdf من الخبر
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع

أخبار أخرى

  • 2021/12/20 9:46:03 وفد مساعدي أعضاء الكونجرس الأمريكي يشيد باجراءات الإصلاح الاقتصادي في مصر
  • 2021/12/12 5:43:20 وفد من جنوب السودان يصل إلى الخرطوم لبحث تنفيذ اتفاق البرهان وحمدوك
  • 2021/12/7 5:45:24 اليوم.. مصر تحتضن مؤتمرًا دوليًا لمواجهة التغيرات المناخية
  • 2021/12/1 9:56:01 بعد قليل.. فتح الطيران المباشر بين مصر والسعودية
  • 2021/11/30 9:50:04 برلمانية: معرض إيديكس 2021 رسالة ردع لكل من يحاول تهديد أمن مصر
  • 2021/11/30 9:47:31 عضو «السيادة السوداني» يبحث سبل حل قضية شرق السودان
  • 2021/7/18 4:24:27 «تطورات خطيرة».. السودان يكشف انخفاض مياه الأزرق لـ 50% بسبب سد النهضة
  • 2021/7/18 4:14:46 مصر سترصد الفضاء بثاني أكبر تلسكوب في العالم
  • 2021/2/13 10:24:06 إثيوبيا تمارس "الاستيطان الإسرائيلي" وينقصها الشجاعة لإعلان الحرب
  • 2021/2/13 10:20:57 مصر تنتظر توضيح مواقف إدارة بايدن من قضايا الإقليم
  • 2021/1/13 7:18:25 تصفية أشهر وأعرق شركة تأسست في عهد جمال عبد الناصر
  • 2020/12/29 3:53:31 الجيش المصري يستعد في شمال سيناء
  • 2020/12/28 8:06:31 على أعتاب الاكتفاء الذاتي في سلعة استراتيجية
  • 2020/12/27 6:21:04 السيسي: اتفاق سد النهضة يجب أن يكون ملزما ويحفظ حقوق مصر
  • 2020/12/13 7:50:00 يغلق معبر أرقين الحدودي مع مصر
  • 2020/12/12 10:18:08 715 مليون يورو تمويلات فرنسية إلى مصر.. وهذه تفاصيلها
  • 2020/12/6 5:31:09 البعثة الأممية في ليبيا تعلن نتائج التصويت على مقترحات آلية اختيار السلطة التنفيذية الموحدة
  • 2020/12/6 5:20:50 إقالات ودعوة لـ"يوم غضب" إثر مقتل طبيب بسقوط مصعد معطل
  • 2020/11/30 4:28:26 البرلمان الليبي يدعو لعقد جلسة خاصة
  • 2020/11/30 4:26:54 تسجيل 66 وفاة و1271 إصابة جديدة بفيروس كورونا
  • 2020/11/28 7:12:19 السودان تشيع جثمان زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في جنازة مهيبة
  • 2020/11/25 9:58:44 السيسي: لقاح فيروس كورونا سيكون متوفرا في مصر منتصف العام المقبل
  • 2020/11/23 9:05:05 ماذا يعني انسحاب السودان من مفاوضات سد النهضة؟ خبراء يجيبون
  • 2020/11/18 9:11:06 رئيس وزراء السودان يؤكد الاستعداد للتعاون مع بعثة "يونتامس"
  • 2020/11/17 10:29:29 تبادل إطلاق نيران في ظل وضع ملتبس بالصحراء الغربية وتصعيد بين الجيش المغربي والبوليساري
  • 2020/11/17 10:26:22 صراع الحرب الأهلية يشتد.. محاولات وساطة لوأد النزاع في تيغراي
  • 2020/11/17 10:03:11 بريطانيا تسعى لسحب لقب أكبر مستثمر أجنبى فى مصر من الاتحاد الأوروبى
  • 2020/11/14 9:58:35 مباحثات سودانية - أمريكية في الخرطوم
  • 2020/11/11 6:57:26 إثيوبيون بينهم عسكريون يفرون من القتال في تيغراي إلى السودان
  • 2020/11/11 6:55:21 مجلس الأعمال المصرى اليونانى: استثمارات يونانية فى مصر تخطت المليار يورو