تسود الجامعات السودانية حالة من القلق والتخوف إزاء إمكانية تحولها لجزء من ساحات المواجهات والقتل بعد انتقال خلافات جهوية وقبلية وسياسية إليها دون أن تجد من يمنعها أو يحاربها.
كما تثور مخاوف من انتشار ما يعرف بسياسة التصفية الجسدية التي يرى مراقبون أنها وجدت مناخا موائما على مع تصاعد الخلافات السياسية.
وقد صدرت تحذيرات تدق ناقوس الخطر بشأن "العنف الجامعي" الذي حصد أرواح عدد من الطلاب من جامعات ومستويات مختلفة. ففي الفترة من العام 1990 حتى العام 1993 سقط نحو خمسة طلاب بسبب ما وصف بالعنف الطلابي.
وقد أثار مقتل طالب جامعة الخرطوم الذي ينتمي سياسيا لحركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور بعد خطفه عبر جهة غير معروفة مخاوف اجتماعية بل دخل في خضم المعركة الانتخابية المحتدمة بين القوى السياسية المختلفة.
وبادرت الحركة الشعبية بتوجيه أصابع الاتهام للمؤتمر الوطني، وقالت إنه دشن حملته الانتخابية بمقتل طالب. لكن المؤتمر الوطني بادلها باتهامات مماثلة أشار فيها إلى أنها تحاول نقل "التفلتات" من الجنوب إلى العاصمة.
غياب الحريات
وفي خضم صراع الشريكين المتنافرين في الساحة السياسية جاء مقتل الطالب محمد موسى ليعيد للأذهان مقتل الطالب محمد عبد السلام عام 1997 الذي حفل مقتله بنفس السيناريو, اختطاف ثم قتل ثم قيد الحادث ضد مجهول.
وعزا الخبير الاجتماعي حاتم الفاضل ذلك إلى "غياب الحريات داخل الحرم الجامعي وخارجه بجانب حساسية الحياة الطلابية المرتبطة بمجريات الحياة السياسية الخارجية وتدخلات بعض الجهات الرسمية في نشاطات الطلاب الجامعية".
كما ربط بعض أحداث العنف الجامعي بما سماها التعقيدات الخاصة بأوضاع الطلاب الجامعية سواء كانت أكاديمية أم خدمية.
العمل الحزبي
من جهته عزا أستاذ علم النفس بجامعة النيلين خالد الكردي أسباب العنف إلى تداعيات العمل السياسي الحزبي، "خاصة أن الأحزاب السياسية وجدت متنفسا للعمل السياسي في الجامعات في ظل الأنظمة الشمولية، فانعكس صراع القوى السياسية على الحياة الطلابية".
وربط في حديث للجزيرة نت تصاعد حالات العنف بالأجواء الانتخابية، "سواء كانت داخل الجامعة أم خارجها".
كما أشار إلى "تعقد الأوضاع الاقتصادية والسياسية وحالة الإحباط التي يعيشها الطلاب المتعلقة بالرسوم الدراسية والسكن والإعاشة والخدمات وعدم قبول الآخر ونفيه وقابلية الطلاب للتعبئة ضد الآخر والسلوك الجمعي الذي يصادر حرية التفكير ما يقود إلى الصدام".
وقال الكردي إن نسبة الطلاب الذين يتعاطون العمل السياسي لا تزيد عن 5%, غير أن الحراك السياسي الذي تشهده البلاد زاد من تسارع وتيرة العنف والصراع والتنافس في عرض الأفكار والمواقف.
ودعا إلى خلق أجواء تفاعلية بين الطلاب والالتزام بميثاق شرف طلابي ينبذ العنف ويرفض الانسياق وراء دعوات الإقصاء.