طالبت هيئات حقوقية بالجزائر مجددا الحكومة برفع حالة الطوارئ التي أعلنتها منذ التاسع من فبراير/شباط 1992 لمحاربة ما يسمى الإرهاب.
وأقرت الدولة هذا القانون بعد إلغاء المجلس الأعلى للدولة يوم 11 يناير/كانون الثاني 1992 نتائج الدور الأول للانتخابات التشريعية التي جرت يوم 26 ديسمبر/كانون الأول 1991.
ومنذ تولي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة زمام الحكم توالت المطالب برفع حالة الطوارئ، وسبق لحركة مجتمع السلم أن قدمت للبرلمان مقترحا في هذا الصدد عام 2007.
وبما أن الدعوات كانت فردية لم تجد الصدى المطلوب، فقد دفع هذا الأمر برئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان مصطفى بوشاشي إلى توجيه دعوة لتشكيل تحالف وطني يضم أحزابا وجمعيات ومنظمات لحقوق الإنسان وصحفيين للضغط على الدولة.
وتوجه المنظمات الحقوقية أصابع الاتهام للدولة التي تتمسك بحالة الطوارئ بحجة مكافحة الإرهاب رغم تناقضها في كثير من الأحيان بقولها إنها قضت عليه ولم يبق سوى عدد قليل.
وتوقع مصطفى بوشاشي توسيع هذا التحالف إلى هيئات حقوقية دولية وإشراك الرأي العام لأن الكثيرين في العالم -حسب قوله- لا يدركون أن الجزائر تعيش حالة طوارئ منذ 18 عاما.
واعتبر أن حجة الدولة الإبقاء على حالة الطوارئ سقطت بعد أن صرحت في كثير من المناسبات بأنها انتصرت على الإرهاب إضافة إلى أنها أجرت أربع انتخابات رئاسية وثلاث انتخابات تشريعية ومثلها محلية.
وأضاف أنه "إذا كانت الحكومة أعلنت نجاحها في قانون المصالحة الوطنية أنه بقي في ربوع الوطن حوالي 400 إرهابي في ظل وجود 360 ألف عسكري و264 ألف شرطي و28 ألف دركي، فهل يستوجب الأمر الاستمرار في حالة الطوارئ ومنع الناس من المسيرات من طلبة وأساتذة وأطباء للتعبير عن مطالبهم المشروعة".
ورفض بوشاشي أن تشكل بعض الأعمال الإرهابية المنعزلة سندا مقنعا للاستمرار في حالة الطوارئ التي تعتبر تقييدا لحرية الناس وعرقلة لمسار الديمقراطية.
وضم الناشط الحقوقي بوجمعة غشير صوته للمطالبين بإلغاء حالة الطوارئ، مشيرا إلى أن هذا الأمر يتكرر نداؤه مع كل مناسبة لعدة أسباب أهمها أن القانون غير شرعي إذ لم يتم التصويت عليه وفق نصوص الدستور حيث تلزم المادة 91 حصول الحكومة على موافقة البرلمان بغرفتيه في حال تمديد حالة الطوارئ وهذا لم يحدث.
ورأى غشير أنه لا مبرر للإبقاء عليه في ظل الظروف الحالية خاصة وأن تصريحات وزير الداخلية يزيد زرهوني تؤكد في كل مرة أن الدولة قضت على الإرهاب وتمسك بزمام الأمور، ورغم ذلك تستمر حالة الطوارئ بهدف عرقلة بعض الأنشطة السياسية الحقوقية والديمقراطية.
ونفى غشير أن تكون عمليات الإرهاب التي تعصف بالجزائر من فترة لأخرى سببا مقنعا للإبقاء على هذا القانون خاصة وأن الترسانة القانونية وعدد المحاكم كافية لمواجهة أعمال العنف.
وحسب غشير فإن الإرهاب في الجزائر على مدار 18 سنة الأخيرة تجاوز الجماعات الجزائرية بانخراطها في القاعدة في المغرب الإسلامي.
ولم ينف غشير وجود الإرهابيين في الجبال والمناطق الوعرة وحتى في الصحراء، لكنه قال إنهم عبارة عن خليط من الإرهاب والتهريب والجريمة المنظمة ومن الصعب الفصل بين هذه الثلاثية، معتبرا أن هذا يعكس أن الإرهاب في الجزائر أخذ منحا آخر وأصبح جزءا من الإرهاب الدولي ولا يمكن محاربته بحالة الطوارئ وإنما بالتعاون الدولي.
وثمن غشير فكرة التحالف الوطني، لكنه قال إنه لا يثق كثيرا في مساندة الأحزاب لهذا المطلب كونها انصهرت مع السلطة وتنازلت عن برامجها لمساندة برنامج الرئيس بوتفليقة، وأعرب عن أمله في أن تتحرك منظمات المجتمع المدني والصحفيون كوسيلة ضغط وإحراج للسلطة.