يتحاور التنزانيون حالياً حول ما إذا كان على الحكومة الفيدرالية الجديدة التخلي عن حقوق استغلال جميع الأراضي في البلاد والسيطرة عليها، كما نصت عليه مسودة الدستور.
وكانت لجنة مراجعة الدستور قد أعلنت في 3 حزيران/يونيو عن مسودة الخطة الأولى لبنية الحكومة الجديدة، وخلقت هذه المسودة بعض التساؤلات حول ما إذا كان الدستور الجديد سيضمن حق المواطنين في استئجار الأراضي.
وحالياً، تعود ملكية جميع الأراضي في تنزانيا للدولة، ويستطيع المواطنون فقط استعمالها لأغراض شخصية أو تجارية عبر استئجار قطع منها من الحكومة. ولكن مسودة الدستور أخرجت شؤون الأراضي من نطاق مسؤوليات الحكومة، محوّلةً إدارة هذه الشؤون إلى دولتي زنزيبار وتنجانيكا.
وفي الوقت الحاضر، يستطيع مواطنو زنزيبار استئجار قطع من الأراضي في البر الرئيسي، إلا أن القانون الزنزيباري يمنع مواطنو تنجانيكا من استئجار الأراضي على الجزيرة. وقد أقر هذا القانون الذي يتعارض مع الدستور الاتحادي في 2003 مع تعديل قانون زنزيبار لحيازة الأراضي الذي كان قد صدر عام 1992. ولم تطعن الحكومة الاتحادية يوماً في ذلك القانون بشكل رسمي، الأمر الذي خلق مزيداً من الالتباس.
وذكر محللون أنه عند تشكيل حكومة تنجانيكا بموجب الدستور الجديد، يُرجح أن تقتصر الجهات المؤهلة لاستئجار الأراضي في البرّ الرئيسي على السكان المحليين بموجب الأنظمة القائمة وهذا رداً على القانون الزنزيباري، كما يُتوقع حتى أن تُبطل حقوق الزنزيباريين المستأجرين حالياً في تلك المنطقة.
حقوق استغلال الأراضي: مسألة اتحادية؟
في هذا السياق، قال جوسافات كانيوانيي، وهو محام مختص في المجال الدستوري ورئيس مجلس جامعة باغامويو، "إذا قررت كل دولة شريكة [أي تنجانيكا وزنزيبار] التحرك بشكل مستقل، فستكون هذه نهاية الاتحاد. ليس من المنطقي معاملة مواطني زنزيبار أو تنجانيكا كأجانب عندما يتعلق الأمر بالأراضي، كلما تنقلوا عبر جانبي الاتحاد".
وأشار إلى أنه لتجنب الفوضى والمحافظة على وحدة تنزانيا، من الضروري أن يتضمن الدستور قراراً يمنح التنزانيين حق استئجار الأراضي في أي منطقة في الاتحاد بغض النظر عن الدولة التي ينتمون إليها.
وأضاف كانيوانيي لصباحي، "علينا الجلوس إلى طاولة الحوار كتنزانيين لتقرير مصيرنا. يستحيل أن نكون تنزانيين وألا نتمكن من ممارسة حقوقنا الأساسية في مختلف أنحاء البلاد".
أما نجيلو كاساكا، وهو نائب سابق عن محافظة لوبا، فشدد على ضرورة أن يكون للحكومة الفيدرالية السلطة القضائية لإدارة الأراضي، وذلك من أجل ضمان تطبيق الأنظمة نفسها في مختلف المناطق التنزانية وضمان حصول جميع المواطنين على فرص متساوية.
وأضاف "أرى أنه لا بد من مراجعة مسودة الدستور بحيث تشمل مسألة الأراضي باعتبارها تخص الاتحاد، وذلك إلى جانب موارد طبيعية أخرى كالنفط والغاز واليورانيوم. وأضاف أن مثل هذه الولاية الفيدرالية ستساعد في الحفاظ على "السلام والوحدة والمحبة بين التنزانيين".
ومن جانبها، قالت سلمى عمر أحمد، 67 عاماً وهي موظفة سابقة في المجلس البلدي لمنطقة تيميكي أصلها من زنزيبار وتعيش في دار السلام، إنها متخوفة من فقدان المنزل الذي بنته بعد سنوات من الكد لتوفير المال.
وقالت في حديث لصباحي "أنا أقيم هنا منذ 40 عاماً... أذهب إلى زنزيبار فقط للزيارة".
وأَضافت "هذا الأمر يقلقني. على زعمائنا أن يفكروا على نطاق أوسع. لست وحدي، فكثيرون هم في الوضع نفسه". وطالبت الزعماء بالتعاون من أجل الحفاظ على وحدة التنزانيين وضمان ألا يكون الدستور الجديد عقاباً للأشخاص العاملين.
وبدوره، قال رئيس لجنة مراجعة الدستور، جوزيف واريوبا، إنه يرحّب بمثل هذه النقاشات حول الدستور الجديد.
وأوضح لصحيفة دايلي نيوز المملوكة من قبل الحكومة، "توقعنا هذا [الجدل] بشأن مسألة الأراضي والنقاشات الأخرى المتواصلة حول المسودة". وذكر أن المسودة التالية ستضم أفكاراً قيّمة أتت نتيجةً لهذه المرحلة من عملية صياغة الدستور.
يُذكر أن الخطوة التالية تكمن في مراجعة المجالس الدستورية في كل منطقة للمسودة وتقديم توصياتها لمجلس مراجعة الدستور ليتم تضمينها في المسودة الثانية التي ستصدر في آب/أغسطس المقبل. وسيتم إرسال هذه المسودة إلى الجمعية التأسيسية الوطنية لمراجعتها واعتمادها.
ومن المتوقع أن يتم إقرار النسخة النهائية للدستور في 26 نيسان/أبريل 2014.
الصباحي